يعد العنف مشكلة متعددة الأبعاد فهي تتضمن أبعاداً تربوية ونفسية واجتماعية واقتصادية ولقد لفتت أنظار علماء النفس والمهتمين بالتربية والتعليم وعلماء الاجتماع فدرسوا أبعادها وأسبابها والعوامل المؤدية إليها .وفي الآونة الأخيرة تفشت ظاهرة العنف في مجتمعاتنا العربية بصورة واضحة لا سيما في المؤسسات التعليمية من قبل أفراد من الطلاب وهو ما أوضحته الدراسات . فقد أظهرت دراسة السعدوي والتي أجراها على المدارس الثانوية عام 1420هــ حول مشكلة المضاربات وأظهرت الدراسة أن (50%)من عينة الدراسة والذين اشتركوا في المضاربات هم من طلاب الصف الأول ثانوي. كما أشارت دراسة الخراش عن أسباب انتشار العنف بين طلاب المرحلة الثانوية والتي اجريت عام 1413هـ، إلى أن أسباب انتشار العنف قد ترجع إلي مرحلة المراهقة التي تتسم بمجموعة من المتغيرات النفسية والجسمية والعقلية نتيجة مواجهتهم لخبرات جديدة مما تؤدي إلي ظهور مشكلات تحتاج إلى حل، وقد يفشل بعضهم في حل مشكلاته مما يجعله يسلك طرقا غير سوية لحل تلك المشكلات.
كما كشفت دراسة القحطاني بعنوان «التنمر بين طلاب وطالبات المرحلة المتوسطة في مدينة الرياض: دراسة مسحية واقتراح برامج التدخل المضادة بما يتناسب مع البيئة المدرسية» عن أن نسبة الطلاب والطالبات في المرحلة المتوسطة الذين يتعرضون للعنف من أقرانهم مرة أو مرتين خلال الأشهر الماضية تصل إلى (31.5%) (القحطاني، 2008م، 165)، وكشفت الدراسة عن العديد من العوامل المسببة لانتشار التنمر المدرسي وأشكاله بين الجنسين، وخصائص كل من الطالب المتنمر والطالب المتنمر عليه، والآثار السلبية على أطراف العلاقة.
كما أوصت الدراسة بتبني برنامج دان الفويس (Olwues.s BulyingPrevention Program)، وتطبيقه على مستوى المدارس بالمملكة العربية السعودية والفصول والمستوى الفردي أيضًا لمواجهة هذه الظاهرة والتقليل من آثارها على المتورطين فيها.
و يشكل العنف بين الأقران في المملكة 82% من إجمالي الحوادث ، وجاء في إحصائية وزارة الداخلية التي نشرت في تاريخ 7/2/2008م إن العنف المدرسي أصبح أكثر المشكلات شيوعاً فقد بلغت حوادث العنف المدرسي في عام 2004م في منطقة الرياض( 1406) حوادث اعتداء. وأصبحت في العام 2007م 4528 ) ) حالة اعتداء بزيادة 400%. ومما لا شك فيه أن الطلاب في عمومهم وعلى اختلاف أعمارهم ومستوياتهم التعليمية يبدون اتجاهاً طيباً نحو السلوك السوي، إلاّ ان هناك مشكلات سلوكية واجتماعية في المرحلة الثانوية قد تعيق الطالب في مسيرته التعليمية مما يجعله يتصرف من واقع مرحلة المراهقة .ويختلف التفسير الاجتماعي للظاهرة عن التفسير النفسي بأنه لا يرى في العنف ظاهرة فردية وإنما ظاهرة لها جذورها الاجتماعية .وعليه تأتي هذه الدراسة للكشف عن العوامل الاجتماعية المؤدية للعنف لدى الطلاب الذين يمارسون العنف والتعرف على خصائصهم الاجتماعية وتحديد أشكال العنف لديهم والآثار المترتبة عليه .
والعنف بين الأقران أو مايسمى ( التنمر) هو سلوك متكرر قد يتخذه شخص أو مجموعة من الأشخاص كمحاولة لإيذاء شخص آخر أضعف جسمانياً أو ضعيف الشخصية. وبعض أهم مسببات التنمُر هما المظهر الخارجي والحالة الاجتماعية، هذا بالإضافة إلى الوضع القبلي أو العرقي، أو الديانة، أو لكون الشخص المعتدى عليه خجول أو انطوائي، ولا يمكنه الدفاع عن نفسه.
كما تشمل مظاهر التنمُر التالي: اعتداءات مباشرة كالضرب، والتهديد والتخويف، والإغاظة بشكل ضار أو التعنيف و الشتم، وسرقة أو إتلاف ممتلكات الغير، التلميحات والتعليقات الجنسية غير اللائقة، و الاعتداء الجنسي. أما في الحالات الأقل حدة أو عنفاً، فإن التنمُر قد يشمل الترويج للإشاعات، أو تشجيع الآخرين على معاملة شخص ما بازدراء أو توبيخه. وهذه تندرج تحت التنمر الاجتماعي واللفظي.
كما أن التقنية الحديثة المتمثلة برسائل الجوال، الرسائل الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي ، وسهولة تصوير مقاطع الفيديو وعرضها من خلال شبكة الإنترنت قدمت شكلاً جديداً من أشكال التخويف وهو التنمُر أو العنف الإلكتروني .(Cyberbullying) والذي بات رائجاً على شبكة الإنترنت.
وهناك علامات كثيرة يمكن للأسرة اكتشاف تعرض أبنها أو ابنتها للعنف منها :
1.ملابس ممزقة ورضوض أو جروح لا تفسير لها.
2.ادعاءات متكررة بفقدان المصروف اليومي والممتلكات الخاصة أو وجبات الغداء المدرسية.
3.تحاشي الأماكن، الأصدقاء، الأقارب أو حتى الأنشطة التي كان يستمتع بها المراهق أو المراهقة
4.أن يسلك المراهق (ة) طرق مختلفة عن المعتاد للوصول من وإلى المدرسة أو محطة انتظار الحافلات.
5.قلة الاهتمام بالواجبات والأعمال المدرسية، والتراجع في الأداء والمستوى التحصيلي في المدرسة.
الخوف من الذهاب إلى المدرسة أو الخروج من المنزل.
6.فقدان الشهيّة، الصداع وآلام المعدة.
7.الحديث عن الانتحار، أو تمني الموت.
8.اضطرابات في النوم.
9.تقلبات في المزاج .
10. قلة الأصدقاء.
وختاماً لابد من العمل على الجانب الوقائي ونشر الثقافة والتسامح ونبذ العنف ونشر حقوق الانسان بين الأطفال والكبار ايضا والعمل على التربية الصحيحة ان الناس متساوين. وليس هناك فروقات بين الناس. أيضاً تعزيز الثقة في الطفل من خلال الاسرة بإعطائه حرية التكلم والاسمتاع له فأغلب مشاكل العنف الاهل لا يعرفون عنها بسبب خوف الطفل من التكلم وبالتالي يحصل على التوبيخ من الاهل. والتفكير في حل منطقي وسليم حتى لا يتأثر الطفل من الناحية النفسية والاجتماعية. ويفضل ان يكون هناك ندوات ودورات تعليمية للاهل من أجل زيادة المعرفة والملاحظة اذا ظهر أي تغير على الطفل والتواصل الدائم مع المدرسة.
الدكتور باسم بكري ،عضو هيئة تدريس بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية
إدارة الخدمات المجتمعية والتوعية، برنامج الأمان الاسري الوطني