كلنا نعلم أن الإنسان يمر خلال حياته بمراحل عمرية متتابعة ومترابطة، كل مرحلة تعتبر أساس للمرحلة التي تليها. ومجموع هذه المراحل يمثل صندوق الخبرات والتجارب التي اكتسبها الإنسان خلال حياته. وتبقى مرحلة الشباب هي المرحلة الأكثر قوة وتأثير على شخصية الفرد فهي التي تشكل معتقداته وتوجهاته.
فإن بنيت هذه المرحلة على مرحلة مستقرة – مرحلة الطفولة – فكرياُ ،نفسياً ،اجتماعياً ،صحياً ودينياً ساهم ذلك في تحقيق مرحلة شباب آمنة وَ واعية وناجحة يمكنها دفع عجلة التقدم الاجتماعي بكل صلابة. و خلاف ذلك إذا بنيت وتأسست هذه المرحلة على مرحلة مفككة، مليئة بالاضطرابات والاختلافات التربوية، الدينية والاجتماعية فإن ذلك سيساهم بشكل مباشر وغير مباشر في إيجاد جيل ضعيف ومفكك لا يقوى على نفع وتقويم ذاته، فما بالكم في نفع وتقويم المجتمع.
فمن هذا المنطلق فإن تحقيق مرحلة الشباب الآمن ليس بالسهولة التي يعتقدها البعض. حيث أن ذلك يحتاج الى خطط استراتيجية طويلة الأمد تتناول الجانبين الوقائي والعلاجي للأفراد في هذه المرحلة ، تعتمد على تعاون وتكاتف العديد من المؤسسات في المجتمع. ويقوم هذا التعاون على أسس دينية، علمية وتربوية. تضمن بمشيئة الله عزو جل تحقيق ما نصبوا اليه.
وينبغي لنا في هذا الصياغ أن نحدد ما نعنيه بكلمة الشباب و هـم الأشخـاص الذين تتراوح أعمارهم ما بيـن 15 -24 سنة. وذلك حسب ما اعتمدته منظمة اليونسكو العالمية وهيئة الأمم المتحدة. ووفقاً لإحصاءات مكتب الإحصاء العام فإن العدد الاجمالي للسكان في المملكة العربية السعودية حتى نهاية عام 2014م اقترب من 30.770.375 مليون نسمة، تمثل فئة الشباب ممن هم دون 25 سنة أي ما يقارب 50% من اجمالي السكان. وتمثل فئة الأفراد ممن هم في سن 30 سنة ما يقارب 76% من اجمالي السكان في السعودية. الأمر الذي يجعلنا نعي أن المملكة العربية السعودية تعيش مرحلة الشباب التي تعد من أكثر المراحل تميزا في حياة الأفراد كما ذكرنا آنفاً. وبحجم جمال وتميز هذه المرحلة بحجم ماهي خطيرة ومقلقة اذا ما عرفنا جوانبها والعوامل التي تؤثر فيها. حيث يعاني الأفراد في هذه المرحلة الكثير من المشكلات التي أصبحت تشكل قلق لدى المسؤولين ، ومصدر اهتمام للباحثين. فكثيراً ما نجد هموم مشتركة للشباب وإن اختلفت طرق تربيتهم. حيث أنها نابعة من المرحلة ذاتها.
الجدير بالذكر أن الباحثين يختلفون في تصنيف مشكلات الشباب، فمنهم من يصنفها حسب الحاجات الأساسية للشباب، أو بحسب البيئة التي تحدث فيها هذه المشكلات، أو بحسب الأصدقاء، أو بحسب الحياة الجامعية أو حياة العمل، أو بحسب الجوانب الشخصية الانسانية للشباب.
وفي هذا الجانب أشار تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2015م. الى أن الشباب يعانون من مشكلة صحية عالمية وهي مشكلة العنف بين الشباب. حيث يسجل سنوياً في جميع أنحاء العالم 200,000 جريمة قتل بين الشباب من الفئة العمرية ما بين 10 – 29 سنة. مما يمثل 43% من العدد الاجمالي لجرائم القتل التي تحدث سنوياً على مستوى العالم.
فهذا الكم الكيفي والكمي الهائل من المشكلات التي يعاني منها الشباب يتطلب منا وقفة صارمة وجادة. ابتداء من مؤسسة الأسرة التي تعد نواة النسيج المجتمعي. والتي لو قيمت بقميتها المعنوية للفرد لما ضاهت كنوز الدنيا بأسرها. فهي سر بقاء الفرد الصالح، ومحرك جيل الشباب جيل المستقبل، وصمام أمان المجتمع. لذا من الواجب على كل فرد مسؤول أن يسعى ويجتهد في بناء أسرته البناء الصالح، المدعوم بقواعد الشريعة الاسلامية السمحة الصالحة لكل زمان ومكان. حيث قال الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). ويمتد هذا التعاون من بيئة الأسرة الصالحة الى كل المؤسسات المعنية برفاهية المجتمع. حتى نضمن بمشيئة الله عز و جل لكل فئات المجتمع أطفالاُ، شباباً وشيوخاً حياة آمنة.
أ.شيخة العنزي – منسقة التدريب
برنامج الأمان الأسري الوطني